يا عرب ….سوريا ليست أهم من السوريين …..!


 

تمارا خزوز

24-9-2012

يعكس الموقف الشعبي  الاردني تجاه الأزمة السورية حالة من التخبط وعدم وضوح الرؤية التي يمكن تبريرها بالتخبط الدولي وعدم قدرة المؤسسات الدولية على الخروج من هذه الأزمة .  وبالرغم من من غياب المعلومة  لا تغيب اليقينية عن حديث المواطن حول الأزمة ! سواء دار هذا الحديث في صالونات سياسية  أم  في أروقة الأحزاب والتيارات السياسية والقوى الوطنية  المختلفة أو حتى في أحاديث عابرة يتداولها الرجل العادي في الشارع . هذه اليقينية تحوّل الآراء الى مسلمات لا يمكن العبث بها أو تحويرها. وبالمجمل فإن معظم هذه اليقينيات تتلخص في رسم سيناريوهات لأسباب الأزمة السورية ونتائجها المحتملة. وتعكس هذه السيناريوهات مخزون العقل الباطن من سيكولوجيات وإيدولوجيات ومخاوف ومشاعر، كما تحمل بعدا إجتماعيا وإقتصاديا له ما يبرره !  أما بعض هذه السيناريوهات فهوعبارة عن هلوسات لفظية لا ترقى لمستوى “الفكرة “ولا تستحق الوقوف عندها !

ومن أبرز هذه السيناريوهات :

–         مايسترو  الربيع العربي هو” الحركات والجماعات الإسلامية المتطرفة” باعتبار أنها تملك موازين القوى الخدمية والتظيمية في الشارع العربي. وأن هذه القوى تتأهب للإنقضاض على السلطة وإقامة “الدولة الشرعية ” التي تلغي الدولة المدنية وحقوق الأقليات . كما يلمّح أصحاب هذا الرأي الى وجود علاقات وخيوط خفية تربط قيادي هذه الجماعات تارة مع الأمريكان وتارة مع إيران وتشكك في ولاءاتهم  الوطنية. وبالرغم ما  لهذا السيناريو ما يبرره إلا أنه تجاوز في كثير من الأحيان التحليل السياسي الموضوعي الى حالة هستيرية من ” الإسلاموفوبيا ” تلغي الآخر وتنكر على الجماعات الإسلامية نضالها التاريخي وقربها من الشارع العربي !

–         سيناريو “المؤامرة الإمبريالية” لإعادة تقسيم سوريا والإستيلاء على خيراتها بإعتبار أن سوريا هي خط المقاومة والتصدي ودولة الممانعة وأن القيادة السورية تشكل خطرا استراتيجيا على الأمن الأسرائيلي ! وكيل الإتهامات لكل من يعتقد عكس ذلك بإتهامه ” بأنه أصبح متورطا وبصورة علنية في العدوان الغربي الأمريكي التركي الخليجي ضد سوريا ” ( بيان 14/ آب لقرابة 1000 شخصية أردنية ” . وأكثر ما يشغلني في هذا السيناريو إنحياز اليسار للنظام بدلا من الشعوب !

–         سيناريو ” الثورة والحرية ” المتعاطف مع التحرك الشعبي السوري والذي لا ينفي بالكامل وجود شوائب ودخلاء على الثورة السورية وخاصة بعد عسكرتها، والرافض للتدخل الأجنبي في سوريا . أصحاب هذا السيناريو  ينتظرون بترقب الساعة التي يسقط فيها النظام -ويدعون الله أن لا تطول- حتى لا يضطروا الى تغيير مواقفهم وتتزايد لديهم الهواجس في مصداقية الثوار وإنتماءاتهم .

–         سيناريو ” تبعات الأزمة على الداخل الأردني أمنيا وإجتماعيا وإقتصاديا” ولهذا السيناريو ما يبرره  فالغريزة الإنسانية تتغلب على المباديء والمثاليات وفي هذه الظروف الإقتصادية الصعبة يتخوف المواطن الأردني ممن يزاحمه في مياهه وموارده وفرص عمله (هذا إذا وجدت) فخلع رداء الشهامة والنخوة بعد أن لبسه  في بداية الأزمة وجاءت نتائج إستطلاعات الرأي تنبيء بتحولات جذرية في الرأي العام الأردني نحو الأزمة السورية حيث عبر 65 % أي ثلثي العينة – بحسب مركز الدراست الإستراتيجية – عن معارضتهم استمرار إستقبال اللاجئين السوريين  .

وفي ظل هذا الكم الهائل من الإجتهادات والسيناريوهات التي لم تخلو للحظة  من صدق الشعور الوطني والقومي تجاه  سوريا الدولة… وسوريا النظام… وسوريا الأرض … الاّ أنها  أغفلت سوريا الشعب … وسوريا المواطن  !

فعندما تهدر كرامة المواطن ويعتريه الرعب ويفقد الأمل في غده ويحمل روحه على كتفه في سبيل حريته تصبح “الدولة المدنية وحقوق الأقليات” و “الإمبريالية وعنوان الصمود ” والتدخل الدولي” ….. مجرد كلمات  كبيرة ….فارغة !  وبالمحصلة…سوريا ليست أهم من السوريين !!!!!!!

أضف تعليق